نشر بتاريخ: 2025/12/24 ( آخر تحديث: 2025/12/24 الساعة: 12:17 )
بقلم: شريف الهركلي

السلطة الوطنية… رفقًا بموظفي غزة

نشر بتاريخ: 2025/12/24 (آخر تحديث: 2025/12/24 الساعة: 12:17)

الكوفية تُرك الموظف في قطاع غزة وحيدًا، يغرق في بحر الانقسام الفلسطيني منذ بداية الانقلاب المشؤوم. توقّف الزمن عنده، ومع مرور الأيام بات محرومًا من أبسط حقوقه الوظيفية، مقارنةً بزملائه في الضفة الغربية، وكأن الجغرافيا أصبحت معيارًا للعدالة، وكأن المواطنة تُقاس بالمكان لا بالانتماء.

راتبٌ منقوص بنِسَبٍ مئوية واهية، ورُتبٌ مدنية وعسكرية أصابها شللٌ مزمن، وعلاواتٌ تبخّرت؛ من علاوة القيادة إلى المخاطرة وغيرها. تحوّل الموظف الغزّي إلى كائنٍ مُعلّق بين الأمل واليأس، لا يعرف إلى أي جهة ينتمي: تحت مطرقة السلطة الوطنية، وسندان حكومة غزة، وكأننا — نحن أبناء القطاع — “البطّة السوداء” في المعادلة الفلسطينية.

عاش الموظف أوقاتًا عصيبة خلال سنوات الانقسام، حيث دُفع ثمن السياسة من لقمة عيشه، ومن كرامته الوظيفية، ومن مستقبله الاجتماعي. ثم جاءت سمفونية الحرب السوداء بعد السابع من أكتوبر المشؤوم، لينفجر فتيل حرب الإبادة، فتُدمَّر الحجر والبشر، وتتحوّل الأرض إلى بقايا رمادية، ويُمحى الأمان من الذاكرة اليومية للناس.

أكثر من عامين من الحرب والكارثة، وما زال السؤال معلقًا بلا إجابة:

ماذا فعلت السلطة الوطنية لموظفي قطاع غزة؟

وفي الوقت الذي كانت فيه السلطة الوطنية، في مراحل سابقة، تخصم نسبًا من رواتب موظفيها تحت بند “دعم الشعوب المنكوبة حول العالم”، كان الأجدر بها اليوم أن تلتفت إلى شعبها المنكوب داخل الوطن. فشعب قطاع غزة — بكل فئاته — يعيش الكارثة في قلبها، لا على هامشها.

فكيف يُعقل أن يُخصم من راتب الموظف الغزّي وهو المنكوب أصلًا؟ وكيف يتحوّل الضحية إلى ممول؟ ولماذا يُطلب من الغزّي أن يتحمّل عبء التضامن، بينما يُستثنى غيره؟

إن منطق العدالة والتكافل الاجتماعي والوطني يفرض — إن كان لا بد من الخصم — أن يكون من رواتب موظفي الضفة الغربية لصالح موظفي غزة، في إطار وطني جامع، لا أن تتحوّل سياسة الخصومات إلى أداة عقاب جماعي تُكرّس الانقسام بدل أن تعالجه.

إن الموظف في غزة لا يطلب امتيازًا إضافيًا، ولا يسعى إلى تمييزٍ خاص، بل يطالب فقط بالمساواة، وبحقه الطبيعي في العيش الكريم، بعيدًا عن سياسة العقاب الجماعي التي أرهقته، وأضعفت الجبهة الداخلية الفلسطينية، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الصف وصلابة الداخل.

خلاصة ومناشدة وطنية

نناشد سيادة الرئيس محمود عباس، بصفته أبًا للشعب الفلسطيني، والمسؤول الأول عن وحدته وعدالته، بالرفق بموظفي قطاع غزة، ومعاملتهم أسوة بزملائهم في الضفة الغربية، في جميع الحقوق المدنية والعسكرية، وذلك عبر:

1. صرف الرواتب كاملة دون أي خصومات.

2. عدم تأخير الترقيات والرتب العسكرية والمدنية.

3. صرف علاوات المخاطرة والكوارث، أسوة ببقية الموظفين.

4. تحمّل السلطة الوطنية عمولات صرف الرواتب عبر التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية.

5. سنّ قوانين وتشريعات تضمن الحقوق الوظيفية والمعيشية للشعب الفلسطيني، دون تمييز جغرافي أو سياسي.

في الختام، يجب على السلطة الوطنية أن تقف إلى جانب موظفيها وشعبها من منطلق المسؤولية الوطنية، لا الحسابات السياسية، فدعم الجبهة الداخلية الفلسطينية هو صمّام الأمان الحقيقي، وهو ما يجعلنا قلعةً حصينة لا تنكسر أمام صديقٍ أو عدو.